الاثنين، 25 يناير 2016

خصه بالحكم لكماله فيه !

في المجموعة الثالثة من جامع المسائل لابن تيمية صفحـ٧٥ـة:-

«...والعرب تطلق هذا البيان للاختصاص بالكمال لا للاختصاص بأصل الحكم، كقول النبي ﷺ : «ليس المسكين بالطوّاف الذي ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، وإنما المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يُتفطن له فـيُتصدق عليه، ولا يسأل الناس إلحافا».
بـيّن بذلك أن هذا مختص بكمال المسكنة، بخلاف الطواف فإنه لا تكمل فيه المسكنة لوجود من يعطيه أحيانا، مع أنه مسكين أيضا. ويقال: هذا هو العالم، وهذا هو العدو، وهذا هو المسلم، لمن كمل فيه ذلك، وإن شاركه غيره في ذلك وكان دونه.
ونظير هذا الحديث ما رواه مسلم في صحيحه عن النبيﷺ أنه سُئل عن المسجد الذي أسس على التقوى، فقال ﷺ : «مسجدي هذا» يعني مسجد المدينة. مع أن سياق القرآن في قوله عن مسجد الضرار: ﴿لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ۚ لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ ۚ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا ۚ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾ يقتضي أنه مسجد قباء، فإنه قد تواتر أنه ﷺ قال لأهل قباء: «ما هذا الطهور الذي أثنى الله عليكم به؟»، فقالوا: "لأننا نستنجي بالماء" (٢). لكن مسجده أحق بأن يكون مؤسسا على التقوى من مسجد قباء وإن كان كلٌ منهما مؤسسا على التقوى وهو أحق أن يقوم فيه من مسجد الضرار، فقد ثبت عنه ﷺ أنه كان يأتي قباء كل سبت راكبا وماشيا. فكان يقوم في مسجده القيام الجامع يوم الجمعة، ثم يقوم بقباء يوم السبت، وفي كلٍ منهما قد قام في المسجد المؤسس على التقوى.»

---------------------------------
(٢) أخرجه أحمد (٣/ ٤٢٢) وابن خزيمه في صحيحه (٨٣) عن عويم بن ساعدة الأنصاري، وأخرجه أحمد (٦/ ٦) عن محمد بن عبد الله بن سلام، وأخرجه ابن ماجه (٣٥٥) عن طلحة بن نافع عن أبي أيوب الأنصاري وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك. وفي الباب عن أبي هريرة وابن عباس، انظر تفسير ابن كثير (٢/ ٤٠٣، ٤٠٤).


******************************************

وهذه فائدة من كتاب الإبانة في اللغة العربية للعوتبي الصحاري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق